الحظ الثاني للمؤمن من اسم الله تعالى الأعلى:
أن يكون سلوك العبد فى الحياة مبنى على الإخلاص وابتغاء وجه ربه الأعلى، قال تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى{20}[الليل]
أى ليس لأحد عنده من نعمة تجزى إلا من يبتغي وجه ربه الأعلى، فلا يعطي أحد لمصلحة أو لغرض، لا يعطى من يحصل مدحًا أو يرائى الناس، لا يعطي إلا من قصد وجه ربه الأعلى.
وذيّل الآية باسمه تعالى (الأعلى) من دون غيره من أسمائه جل وعلا، لأن في بذل العبد لماله لله دليل على أنه يتخلص من الأثر الدنيوى ، فهو مجبول على الشح، قال تعالى{ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً}[الإسراء:100] فطرته تأمره بالبخل وهو يجاهدها ويتصدق ليتخلص من شحها، فلما علا على شهواته وعلى على نفسه قابله ربه الأعلى.
وهنا لفتة مهمة جدا في هذا التذييل للآية، فكأن المعنى الآخر فيه: أنه مهما علا العبد على نفسه وتنزه سيظل الله سبحانه الأعلى. مهما تزكى العبد وكثرت خيراته ستظل النقائص به، وسيظل الدنو صفته فالله الأعلى والأكمل والأجل سبحانه.
الله عز وجل يقول عن صفة هي من جبلة ابن آدم: { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } وجاءت (يوق) لتدل على أن الشح موجود وسيظل موجود فالغريزة لن تمحى منك ولن تُغيّر، وإنما مقامها منك التوجيه والتهذيب.
فالإنسان الشحيح لن يصبح كريما وإنما سيتصف بصفة الكرم جزاءا على تزكيته لنفسه واتقاءه لشحه. وسيظل الشح موجود بداخله وقد يعود إليه من حين لآخر إلا أن يزكي نفسه باستمرار. أما إن ركن لكرمه العارض وظن أنه تخلص من شحه فهو مخطيء ومخدوع، بل إن لم يتابع نفسه ويداوم على الترقي والتزكية فسيعود كمان كان وكأنه لم يبذل شيئا.
فالتخلص من الآفات والعيوب يكون بالعلو عليها لا بقلعها منك لأن كثيرها من الفطرة والجبلة، وبالمداومة على هذا العلو تثبت وإلا إن توقفت لحظة ستجذبك الشهوة من جديد إليها.
وكذلك ظروفك وأحزانك وهمومك، ليس لها حل إلا أن تعلو عليها، ولك في نبيك أسوة حسنة. إذ كانت تطلق بناته صلى الله عليه وسلم ويسعى فى الدعوة وكأن شيئا لم يكن، وماتت له زينب فيحزن ولكن لم يقعده حزنه. ومزق عمه تمزيقا فحزن عليه حزنا شديدا ولكن لم ييأس ولم يقعده حزنه. بل كان صلى الله عليه وسلم يعلو على كل أمور الدنيا : همومها وأحزانها علوا جعله حبيب الله، وسيد البشر أجمعين صلوات الله وسلامه عليه.
من درس: شرح اسم الله الأعلى
للشيخ هاني حلمي
1 التعليقات:
جزاك الله خيراً
جميل جداً بفضل الله
لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة