حقا إننا نحتاج لنقف
مع هذا السؤال وقفة .. لماذا نصوم؟
ولماذا هذه العبادة
الشاقة والتي ستكون من أشق ما يكون هذا العام إلا أن يتغمدنا الله بلطفه وتيسيره
يجب أن نعلم أننا لا
نأتي العبادات لحاجة الله منّا إلى ذلك .. تعالى سبحانه عن ذلك وتنزه، بل لشدة
حاجتنا لما في هذه العبادات من ثمرات تعود بفوائدها على القلب والنفس والبدن.
فإذا تأملنا الصوم وجدنا
أننا نحتاج فعلا إليه حاجة شديدة تقودنا إلى التزكية والنمو والصلاح في جوانب
الحياة. وكثير من الديانات الأرضية التي ما أنزل الله بها من سلطان بل كان مصدرها
هوى أصحابها، كثير منها أدرك أصحابها أهمية الصوم والتقليل من الطعام في الوصول
إلى السمو الروحي الذي ينشدونه للتواصل مع الإله الذي يزعمون.
مما يشعرك أن كون
الصوم ضرورة بين المعبود وعبده هي ركيزة أساسية في فطرة البشرية حتى وإن انحرف بها
الهوى عن الهدي.
فعودا على
بدء.. لماذا إذا نصوم؟
نحن نصوم .. لأننا نحتاج إلى جُنّة تقينا الشهوات التي انتشرت في
عصرنا، وكل عصر له شهواته وإن كانت على أشدها في زماننا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصومُ جُنَّةٌ
يَسْتَجِنُّ بِها العبدُ من النَّارِ) (حسنه الألباني)
ونصوم .. لشدة حاجتنا للري يوم العطش الأكبر .. فنقدم لله العطش
اليوم لعله يروينا برحمته غدا
قال أبو موسي رضي الله
عنه : (إن الله قضي علي نفسه أن من عطش نفسه لله في
يوم حار كان حقا علي الله أن يرويه يوم القيامة)
ونصوم.. لأننا في فقر شديد إلى ساتر يسترنا ويحجزنا ويباعدنا عن النار
.. نار جهنم التي تكبر عن نار الدنيا بسبعين ضعف.
عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من
صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ ، بعَّدَ اللَّهُ وجهَهُ عنِ النَّارِ
سبعينَ خريفًا) (رواه
البخاري)
ونصوم.. لأننا يوم القيامة سنقف موقفا صعبا .. وسنقدم على يوم
عسير .. الحساب فيه بالذر، فسنحتاج حينها لشفيع يشفع لنا عند الملك المالك ويخفف
عنا وطأة الحساب .. والصوم يشفع لصاحبه.
قال رسول الله صلي
الله عليه وسلم : (الصيامُ
والقرآنُ يشفعانِ
للعبدِ يومَ
القيامَةِ ، يقولُ الصيامُ : أي
ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه ،
يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه ،
فيَشْفَعانِ ) (صححه الألباني)
نصوم.. لأن ذنوبنا كثرت وعمت وامتلأت بها الصحف حتى اسودت وتبين
لنا الهلاك .. فإذا ما صمنا غفر لنا كل ذلك وبدلت سيئاتنا حسنات.
عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (مَن
صامَ رمضانَ
إيمانًا واحتسابًا
، غُفِرَ
لَهُ ما تقدَّمَ من
ذنبِهِ .. ) (رواه البخاري)
وقال صلى الله عليه
وسلم : (...فِتنَةُ
الرجلِ في
أهلِه ومالِه
وجارِه، تُكَفِّرُها الصلاةُ والصيامُ والصَدَقَةُ.. ((رواه البخاري_من حديث حذيفة ابن
اليمان في الفتن)
نصوم ..للشعور بالتميز وحيازة قدم السبق فقد حُدثنا أن ثمة باب
في الجنة لا يدخله إلا الصائمون .. فيا لتميز أصحابه بين الخلائق حينها.
قال النبي صلي الله
عليه وسلم: (إن في
الجنة بابا يقال
له الريان
، يدخل منه
الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال
أين الصائمون ، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ،
فلن يدخل منه أحد) (رواه البخاري)
نصوم .. لأننا حقا نحتاج للفرح في زمن كثر فيه الحزن والكمد والهم
والظلم .. فيأتي الصوم يداعب بفرحته المعجلة قلوبنا ويخفف عنها وطأة البلاء
.. ويُسِرنا بالمؤجلة يوم الهول الأعظم.
…)للصائمِ
فَرْحتانِ يفرَحْهُما
إذا أَفطرَ فَرِحَ ، وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ( (رواه
البخاري)
ونصوم لأن نفوسنا فيها ظلم وكفر وجهل وكبر .. فكيف بها تشعر
بالفقير المحتاج الضعيف من دون أن تتذوق جوعه ووهنه واشتياقه إلى لذيذ الطعام.
نصوم لأن نفوسنا متعالية متكبرة طاغية .. لو ترك لها العنان
ورفع عنها القيد لنازعت الله في ألوهيته، فنصوم كي نعرفها مقامها وحدودها ومدى
وهنها وضعفها وذلها لرازقها ومالك أمرها ومدبر أسباب حياتها.
أويأتي بعد هذا من يسيء
الأدب ويعترض على شريعة من بيده الخلق والأمر ويسخط من فريضة الصيام..!
ويثير الشبهات في قلوب
وعقول الناس..!
ألا فسحقا له وبعدا ..
فمثله لا يقدر حاجته الشديدة لهذا الركن العظيم الذي جعله الله من أركان بناء
الدين.
فهل علمتم
الآن .. لماذا نصوم؟!!
0 التعليقات:
لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة