الاثنين، 19 مارس 2012

كيف تتعرف على نفسك وتقيمها على ثغر؟

من أهم عوامل التغيير
معرفتك أن الأمر لن يكون سهلا و سيستلزم وقت طويل
و قبولك بهذا ابتداءا سيؤهلك عقليا و نفسيا إلى حقيقة هامة
وهي وجوب الصبر ووجوب بذل الكثير من الجهد
و القدرة على ذلك خاصة لمن لا يحسن الصبر و يشكو الكسل تستلزم صدق الإستعانة بالله
و أول ذلك الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء بصدق و بلهفة و بإلحاح
الدعاء بالتوفيق و بالإعانة و بالولاية
فمتى تولاك الله و أقبل عليك أصلح حالك و يسر عليك أمرك
ثم يأتي دورك في مجاهدة نفسك و شيطانك على الصبر و بذل الجهد في تغيير نفسك و حالك و إصلاح قلبك
و لكن كيف يغير نفسه من لا يعرفها؟
و كيف يعدل حاله من لا يفطن إلى عيوبه؟
و كيف يصلح قلبه من لا يتواصل معه ولا يعرف ما فيه؟
واعلم أن أكبر العقبات التي ستعيقك
ذاك الإعتقاد الأبدي بانتظار المخَلِّص الذي ما أن يأتي سيغير لك واقعك المرير
سواء كان هذا المخَلِّص شيخ مربي
أو صحبة صالحة
أو زوجة أو زوج صالح
أو حتى مجرد شريط أو كتاب تقرأه فيؤثر فيك و يغير حياتك
ولا شك أنها كلها عوامل لا ننكر تأثيرها على قلوبنا و إيمانياتنا
و لكن أن يُنظر إليها أنها الأساس و بدونها نفسد
فهذا فهم البطالين أصحاب العزائم الخائرة
فإن الله قال ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11] 
حتى (يُغَيِّروا) و لم يقل حتى (يُغَيَّر) بفتح الياء مع التشديد
فالتغيير ابتداءا و انتهاءا يجب أن يكون منك، ببذل الأسباب كاملة لتحصيله
ثم اعلم يقينا أن الله سيعينك-إن رأى منك صدق- بما كنت تنتظر
سواء بصحبة أو مربي أو زوجة صالحة أو غيره
أي عليك البداية و عليه التمام
فشمر و استعن و أبشر ولا تعجز





من عوامل التغيير كذلك أن تعلم أن التغيير ليس سلوكا خارجيا فقط


بل أول ما يكون يكون في القلب والفكر

باعتقاد ما لم تكن تعتقده والإيمان به واتخاذه دافعا قويا على التغيير (وهذا هو بارقة التغيير)

والعزم وصدق الرغبة على نبذ ما سواه من المعتقدات الخاطئة

إذ كيف يغير نفسه من يعتقد أنه لا حاجة له إلى التغيير أصلا

فمثله يجب أن يؤمن وبقوه بحاجته إلى التغيير ثم يتخذ ذلك معتقدا قويا ودافعا نحو العمل

وينبذ ما دونه من معتقدات تحدثه بأنه على خير ما يرام

و لكن السؤال؟

كيف أتغير؟


ونقول

لكي تعلم ينبغي أن تحدد ابتداءا في أي شيء ستتغير؟

في أي شيء تحتاج التغيير؟

في قلبك؟_______ أي إيمانك وعلاقتك بالله

أم في فكرك؟_______أي نفسك وما تعتقده وما تهواه

أم في سلوكك؟_______ أي علاقتك بالعالم من حولك


حدد الجانب الذي تريد التغيير فيه ثم ابدأ في تحديد الكيفية

واعلم أن الجوانب الثلاثة يصب بعضها في بعض

لأن الإنسان هو نقطة التلاقي بينها جميعا

وهو محور ومحل التغيير في نفس الوقت

والموفق بحق

من يبصره الله بمواطن الخلل في الجوانب الثلاثة ويعينه على كيفية التغيير فيها

مبتغيا بذلك وجهه ورضاه

ومن المهم معرفتك بان التغيير عملية مستمرة لن تتوقف

فهل توقف النهر لحظة عن تغيير مائه؟

بالطبع لا

فالنهر دائما يسير ويحمل كل يوم مئات الذرات المتجددة من الماء

تتغيير وتتغير باستمرار

ولأجل هذا هو نقي ودائما نشيط

و إلا لو ركد الماء وسكن

لتعفن النهر

و اشتد نتنه


فتأمل...!!


اعلم أن تغييرك لنفسك يغير بدوره من سلوكك
وتغيرك في الجانبين سيكون له مردوده بتوفيق الله على علاقتك بالله
فستشعر بالفرق حقا
ولكن كما ذكرنا سابقا
كيف يغير نفسه من لا يعرفها؟

فكيف تعرف نفسك؟



أول ما يجب معرفته عن نفسك هو معرفتك بخصائص النفس البشرية بشكل عام


ومنها:



= أنها لا تقبل الوصاية بسهولة =
فهي كالمادة اللزجة لا تمكنك أبدا أن تحكم قبضتك عليها
وتتفلت منك بكل ما أوتيت من القوة
لذا فهي تحتاج إلى ذكاء وحيطة في التعامل معها



= أن النفس بطبعها تكره التغيير وتحب المألوفات =
فهي لا تحب أن تحرمها لذة فنجان القهوة كل صباح مقابل الصيام
ولا تحب لذة السهر في إنجاز عمل ما في مقابل القيام
ولا تحب أن تحرم لذة طعام الغذاء الشهي مقابل ألا تنام عن الأذكار
وهكذا فالتغيير الذي يحرمها من مألوفاتها هي تمقته بشدة ولا تحبه
فهي إعتيادية بطبعها
ولذا لا تنتظر أن إذا حدثتها برفق (يا نفس ما رأيك في أن نتغير)
أن تهمس لك (إنها فكرة رائعة)
 بلستجد -وبمنتهى المكر- الكثير والكثير من الصد الذي سيعيقك و يثبطك



= أن النفس البشرية (أمَة) لشهواتها ولهواها إلا من رحم الله =
(إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)
وعليه فهي لن تطيعك بسهولة
لن تقتنع بحديثك عن الحور في مقابل تنازلها عن شهوة النساء
ولن تقتنع بحديثك عن ملك الجنة في مقابل تنازلها عن بعض المال
هي لا تقتنع بذلك ولا يمثل لها حافزا أصلا
إنما محل هذه الحوافز القلب واللعب على شرارة الإيمان والفطرة فيه
لذا فلا تنتظر منها أن تسمع لك في خير أو تأمرك بخير




= النفس كالأسير الذي إذا أسرته وأحكمت قبضتك عليه قاومك قدر استطاعته =
حتى إذا ما وجد منك القوة والغلبة أبدى لك استسلامه وخضوعه
ثم ما أن يجد منك غفلة أو سنة أو التفاته إنقض عليك
يطلب (رقبتك ) لا جرحك ولا ايذاءك فقط
بل سينتقم ويعوض ما لاقاه على يديك من ذل وحرمان
فتعود إلى ما كنت عليه بل وأشد
لذا فهي تحتاج إلى دوام حذر



و كل ذلك لا يكون أبدا إلا بالاستعانة والصدق في طلب النجاة ودوام المرابطة


والثبات على هدفك
أنك يجب أن تتغير ولن يهزمك شيئا
و أول هذا الشيء نفسك


إذ كيف يكون أقوى عائق لك عن الفلاح نفسك التي بين جنبيك


فشمر وأبشر ولا تعجز



ثاني ما يجب معرفته عن نفسك كل شيء

نعم كل شيء
وهو بالأمر اليسير جدا إن شاء الله
فقط إن أخلصت ورغبت بصدق ودعوت واستعنت
أما إن تكاسلت وسخرت من هذا المعنى أو أهملته
فستظل كما أنت ولن تتقدم
فتبناه ولو مرة في حياتك
و دعني أقول لك أن تغييرك لنفسك يشبه المعركة
وأنت بلا شك تريد النصر فيها
فكيف تنتصر على عدو لا تعلم عنه شيا؟؟؟
بل عليك الاجتهاد في أن تعرف كل شيء عن هذا الذي تريد التغلب عليه
نقاط ضعفه ونقاط قوته
فتهزمه بالاثنين
واعلم لأنك تريد وجه الله بذلك...تغيير نفسك
سيطول الأمر و يصعب
و إن كنت تريده لدنيا أو حظ نفس
لربما تغيرت بين عشية أو ضحاها
ولكنك لأنك تريد التغيير لله
فستجتمع الدنيا كلها عليك لتمنعك وسيجلب عليك إبليس بخيله و رجله يمنعك
ومن هذا نفسك
وكله بقدر الله
ليختبر صدقك
و المرء إن استحضر هذا المعنى وفطن له
أن كل عقبة وقفت في طريقه هي بقدر الله ليختبر صدقه
هان عليه الأمر وتحمس و علت همته
و بذل الجهد الكبير في سبيل ذلك
و سيوفق
و الله إن صدق وصبر سيوفق
و الآن كيف تعرف عن نفسك كل شيء؟
أولا-بالملاحظة
ثانيا-بالتامل والتفكر
ثالثا-بالتسجيل

و سيأتي تفصيلها إن شاء الله


بعض الناس بصرهم الله بنفوسهم
فتجده إذا سأل ماذا تحب وماذا تكره؟
ماذا تريد؟
ماذا تتمنى؟
ماذا تحسن وماذا لا تحسن؟
تجده يجيب من دون تفكير أو تردد
إذ بصره الله بنفسه
وأغلب هؤلاء هم الأشخاص الذين لهم سمات تميزهم عن غيرهم
ومنهم أصحاب المباديء المعينة
فتجده يختلف عن غيره بمبادئه ومواقفه  له سمات تجلعه مميزا عنهم
مثل هؤلاء عرفوا أنفسهم واتخذوا لهم طريقا خاصا في هذه الحياة يوظفون فيه ما يحسنون
ويُقوِّمون ما به يعابون
و يَقُون أنفسهم بما اتخذوه من مباديء ما قد يؤخرهم أو يؤثر عليهم سلبا
وبعض الناس تجده لا شكل له ولا وصف
لا تستطيع أن تصنفه
بل قد لا تجد سمة معينة تميزه
هل هو جاد أم هزلي
واضح أم غامض
لا مبدأ له ولا ميزة تشير إلى نفسه وشخصيته
فمثل هؤلاء أغلبهم إن قيل له من أنت؟
ماذا تريد؟
لا يحسن الرد لأنه لا يحسن معرفة ذلك
وسبق وقلنا أن تغيير نفسك يحتم عليك أن تعرف عنها كل شيء
كل شيء
عاداتك
مميزاتك
عيوبك
ما تحب وتكره
مايسعدك وما يحزنك
ما تهواه وما لا تهواه
ما تفعله على مضض وما  تقبل عليه
متى تنشط ومتى تكسل
ما يلفت انتباهك وما لا تهتم به
كل شيء
كل شيء
و قد أوصى الشيخ محمد حسين يعقوب بذلك في كتابه قصة الإلتزام
-وهو الكتب الذي أوصيك بضرورة قرائته-
أوصى بأن تكتشف في نفسك كل شيء
ولو أبسط الأشياء
ولكن كيف تعرف ذلك؟
إذا كنت ممن لا يعرف عن نفسه شيء أو لم يكفر في الأمر قبل ذلك
ربما قد تجد صعوبة في البداية في تحديد معالم نفسك وملامحها
واعلم أن الدعاء هنا يلعب الدور الأساس
فادعو بصدق (اللهم بصرني بنفسي و أعني عليها)
(اللهم بصرني بي و أعني على حسن عبادتك)
(اللهم بصرني بعيوبي وأعني على إصلاحها وبصرني بمحاسني وأعني على توظيفها) 
(اللهم الهمني رشدي و قني شر نفسي)
وافتقر وتذلل بين يدي الله وسيوفقك
ثم ابدأ بالآتي :


أولا- الملاحظة
لاحظ نفسك 24 ساعة
لاحظها خلال سلوكها اليومي وكن يقظا تجاه سلوكك
لاحظ ما هو أول ما تجري عليه فور استيقاظك من النوم؟
(سمعت الشيخ هاني حلمي يقول في أحد دروسه أن أول ما يأتي في ذهنك فور أن تفتح عينك من النوم وآخر ما تفكر فيه قبل نومك هو ما يسكن قلبك بحق)
لاحظ ما الذي يثير عصبيتك ودرجات ذلك؟
لاحظ متى يغضبك والداك ومتى يغضبك أخوك ومتى يغضبك صديقك؟
ولاحظ هل درجة غضبك تجاه الثلاث واحدة؟
لاحظ سلوكك مع الغرباء وسلوكك مع المقربين
لاحظ هل أنت سريع أم بطيء
متى تتثاقل ومتى تنشط
ما الذي يثير إهتمامك وأنت تسير في الشارع
مشاجرة؟
أم طفل فقير يتسول؟
أم امرأة؟
أم لا شيء؟
لاحظ كل شيء
وهنا كتب علم النفس والتنمية البشرية تلعب دورا لا بأس به
فيمكنك الاستعانة بالقراءة فيها
لتحدد بعد ذلك تحليل لما لاحظت
وكذلك دروس التربية
كمدارج السالكين للشيخ محمد حسين يعقوب
وكتاب قصة الإلتزام يفيد جدا في هذا الأمر
وكذلك سل من حولك عن عيوبك ومميزاتك
عن ملاحظاتهم حولك ولا تخجل من ذلك
بل ستستفيد إفادة عظيمة جدا
وقد تستغرق هذه الفترة منك بعض الوقت لتسكتشف نفسك
وغالبا ما ستسمر معك هذه الخطوة إلى ما لا نهاية
وتلك اليقظة مع الوقت ستعتادها
فتتعود أن تلحظ نفسك في كل حالك
ثم


ثانيا-تأمل وتفكر
فيما لاحظت
فسل نفسك لماذا تصرفت بهذا الشكل في الموقف الفلاني؟
أه يبدو أني من العصبيين (مثلا)
لماذا اهتممت بهذا الأمر إلى هذا الحد وهو لا يعنيني
اه يبدو أني من الذين يهتمون بما لا يعنيهم (مثلا)
لماذا لم أساعد اختي في مذاكرتها حين طلبت مني ذلك رغم أني لم أكن مشغولا
اممم يبدو أني لدي خلل في فقه العبودية وصنائع المعروف (مثلا)
أو أني أناني و لا أهتم بالآخرين (مثلا)
وهكذا
تفكر و تأمل واشغل ذهنك بما لاحظته ثم لا تنسى

ثالثا-التسجيل
أن تسجل في دفتر كل ما خرجت به من المرحلتين السابقتين
وذلك بعد تحديد عدة أقسام:
عاداتي
مميزاتي
عيوبي
ما أحب
ما أكره
أو إن شئت كتبت من دون تصنيف
ومثاله أن تكتب:
شخصيتي يغلب عليها الجد والحزم فلا أحب الأمور المائعة
واضح أني صريح لا أحب اللف والدوران
مشكلتي أني متسرع ومتهور ولا أحسن الصبر
اكتشفت أني أحب المال كثيرا وأخرج الصدقات بصعوبة وبعد مجاهدة
من عاداتي الحسنة أني لا أحب الأكل أمام التليفزيون مما يوفر من الوقت الذي أستغرقه في الأكل
لا أحب المكوث في البيت كثيرا
من عاداتي السيئة أني أستغرق وقتا طويلا لكي أفيق من نومي مما يضيع الكثير من الوقت
وهكذا


والآن هنيئا لك
فلقد صار لديك cv كامل عن نفسك
تستطيع الآن أن تحدد على أي ثغور الإسلام يمكنك أن تقوم
على ثغر الدعوة الميدانية، لا بل الدعوة المكتوبة
لا بل الدعوة على الإنترنت
لا ليس لدي في الدعوة الكلامية أصلا 
ولكني أحب التصميم
لا بل أحب التفكير إذا سأعمل بالمجالات الفكرية

بل اللغات والترجمة
وهكذا
بل ويمكنك أن تحدد بأي درجة تستطيع أن تخدم في الثغر المناسب لك
هل بدرجة ممتاز
لا بل بدرجة مقبول..إذا ينقصني الكثير من المهارات
لا بل بدرجة جيد جدا..إذا يمكنني البدء  واكتسب ممتاز بالخبرة
وهكذا
هل ترى الآن مدى الفتح الذي سيفتح الله به عليك فقط بقرار واحد؟
أن تتغير
واعلم أن غيرك الكثيرون سبقوك في هذا المجال
ولديهم بالفعل دفاتر يسجلون فيها مثل هذه الأشياء
واستفادوا منها إفادة جمة في السير إلى الله
فوظفوا مميزاتهم و عالجوا عيوبهم
أي غيروا أنفسهم بما اكتشفوه عن انفسهم
و قد قرأت ذات يوم في كراسة خاصة لأحد هذه الشخصيات
علمت بعدها أن هذه الكراسة تسجل فيها ما تعرفه عن نفسها على النحو الذي ذكرناه
قرأت في أول صفحة فيها
(أنتِ قادرة على تحقيق هدفك
قادرة على التغيير
قادرة على أن تصلي لمرتبة الصديقين والصالحين
فقط يلزمك دفع تكاليف هذا الهدف بالجد والتعب والسهر وبعض المشقة و الحرمان
لقد وصل قبلك كثيرون استعانوا بالله فأعانهم
وصدقوه فصدقهم
وأنتي تعرفين السبيل فلتسعي إليه
الجنة غالية
وأغلى منها رؤية الله فيها
ولو لم تكن لك الجنة فلمن تكون؟
لو لم تكن الجنة فستكون النار والعذاب والحسرة
وتذكري أن أشد عذاب أهل النار
أنهم لن يروا الله فيها
فهيا اعملي)
الغريب أن الكراسة كانت مملوءة بالصفحات المكتوبة لا البيضاء
فقلت سبحان من بصرها بكل هذا
وعلمت بعدها أنها كلما فترت وغاب عنها حلم التغيير
قرأت هذه الكلمات فيعبدها الله إلى الهمة من جديد
وقد ذكر الشيخ محمد حسين يعقوب في كتاب قصة الإلتزام
تجربته الشخصية في التغيير
ووصف اللحظات التي مرت عليه حين وقف مع نفسه وقفة في الحرم يسجل فيها كل ما يعرفه عنها
فالرجوع إليها مفيد جدا
فالأمر إذا يسير
فهيا شمر واستعن وأبشر
وأبدا لا تعجز



قلت:
أي غيروا أنفسهم بما اكتشفوه عن أنفسهم


كيف؟
باستغلال ما توصلت إليه عن نفسك في قهر نفسك أو ترقيتها
بأن فعلوا ما سجلوه
أيضا كيف ؟
سنعطي مثال
لنفترض أنك قسمت دفترك إلى
مميزات
عيوب
عادات 
(وفيها ما تحب وما تكره)
و الآن لنفترض أنك تعاني إصرار على ذنب
ولا تعلم كيف تتوب منه
حاولت مرارا ولكن لا جدوى
هنا قد نجد في خانة مميزاتك أنك تحسن الصبر
فنقول لك استعن على ذنبك بأن تصبر على مجاهدتك له قدر استطاعتك
واصبر على باب الله حتى يفتح لك وتتنزل عليك الرحمات والتوبة
حسنا
وماذا لو كتب في خانة العيوب مثلا: لا أحسن الصبر
نقول لك إذا تعلم من ذنبك هذا الصبر
أن تجاهد وتصبر على مجاهدتك
أن تخالف هواك وتصبر على ذلك
وستفعل
مع الوقت والتركيز ستفعل
لأنه سيصير الصبر في ذاته لك هدفا
فستجد نفسك تنشغل عن ذنبك وشهوتك بتعلم الصبر فيه
وسينقلب الأمر إلى تحدي وستحرص على الفوز به
ومع الوقت ستحصل التوبة من الذنب والصبر معا
حسنا
ماذا لو كتب في خانة ما أكره: المشكلة أني لا أحب الصبر أصلا
هنا ستكتشف مرضا خطيرا في قلبك لم تكن تعلم به من قبل
و هو أنك لا تحب طاعة من الأساس
وهذا خطير
وسيعوقك كثيرا جدا
وهنا سينبغي عليك أن تتعلم الصبر من أساسه
وذلك بأن تقرأ عنه أو تسمع عنه وعن حكمه
و تقرأ الكثير من القصص حوله
ثم تحاول ممارسته وتطبيقه
مع الدعاء والاستعانة وسؤال الله التوفيق
حسنا
نتيجة ذلك كله ماذا ستكون؟




ستجد أنه من خلال تطبيق واحد فقط على حياتك وسيرك مع الله
تعلمت عبادة من أهم العبادات بل هي ملاك الأمر كله
ألا وهي الصبر
فتجد أنك إن كنت منحته فعلا....ستزيده وترتقي فيه
وإن كنت لا تحسنه...ستتعمله
وإن كنت لا تحبه من الأساس...ستتوب من هذا الذنب الخطير وتقي نفسك هذا العيب وتصير تحب الصبر ومتى أحببت الشي صار منك
وهذا هو التغيير بعينه
فأنت دائما في تغيير سواء كنت مميزا بالأمر أو فاقدا له أو لا تحبه
وقس على ذلك أشياء كثيرة جدا
فكلما قابلك عائقك
افتح دفترك
وتفكر
أي هذه المميزات يعينك على التخلص من مرضك وتخطي عائقك؟
وأي من هذه العيوب يمكن أن يزيد الأمر سوءا
وأي من هذه العادات يمكن أن يكون معينا على العلاج
فأنت ستستغل مميزاتك في قهر عيوبك
وستستغل عيوبك في كسب مميزات أخرى
 (من خلال محاولة تحصيل ما يضادها)
وستوظف عاداتك لتعالج بها عيوبك ولتحافظ على مميزاتك
وستوظف هواك (ما تحب وما تكره) إما في
اكتساب مزيد من المميزات
المحافظة على المميزات الحالية
قهر عيوبك
استكشاف عيوب جديدة
و مع المداومة على هذا ستتغير بحق وستعتاد نفسك منك ذلك
بل وستُعطى القدرة على التربية الذاتية
فط يلزمك الصدق والإستعانة
وبذل الوقت والجهد
ودائما اصحب بورقتك وقلمك
ومما يعين في ذلك كثرة القراءة حول التغيير وسبله
وثمراته الطيبة
وكثرة القراءة حول حالات العلماء مع تغيير أنقسهم وقهرها
مثل سير السلف ومعالجتهم لأنفسهم
واعلم أنك متى وفقت في تغيير نفسك
ستوفق بإذن الله في تغيير سلوكك مع الله ومع الخلق
ولا تستعجل أبدا الثمرة
و اعلم أن سلاحك في قهر أي عدو هو دعائك
دعائك سلاحك
وصدقك عماد نصرك
وجهدك وصبرك ثمن ظفرك
والجنة ثمرة معركتك
فشمر وأبشر ولا تعجز




هناك 5 تعليقات:

  1. اللهم بارك اللهم بارك..جزاك الله كل الخير ...موضوع مرتب وهام الحمدلله الذي هداك لهذا ..جعل الله لك منه اوفر الاجر وجعل الله لنا منه اوفر النفع , اللهم آمين

    ردحذف
  2. أكرمكِ الله
    عليكِ بالنشر في كل منتدى و كل صفحة على الفيس
    فالمسلمون بحاجة إلى الكلام في هذا الأمر بعد رمضان
    لعل الله يكتب لنا هدى أحد

    ردحذف
  3. جميلة اوى ماشاء الله
    ربنا ينفعنا بها جميعا

    ردحذف
  4. جزاك الله خيرا كلام رائع
    اللهم انفعنا به جميعا

    ردحذف

لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة