يتم التشغيل بواسطة Blogger.
RSS

أنا وهي و الضوء الخافت البعيد


اهبط على الدرج مسرعة
يخفق قلبي بداخلي
ها أنا ذا أجتاز بوابة البيت
و الشارع ممتد أمامي غارق في ظلمته

أتنفس الصعداء
العرق يتساقط من جبيني
يا إلهي لقد نجوت منها

أخذت أجد في السير
هرولت هربا
ابتعدت
حتى تعبت
ترى أتلاحقني؟
كم من مرة أسرتني ثم هربت
و كم من مرة تبعتني و أمسكت بي
كر و فر بيني و بينها لا يتنهي
 و ها أنا ذا الآن نجوت منها ثانية
بعد صراع مرير كاد يودي بي
نجوت منها و هربت
 وأنا لا أدري إلى أين أذهب
وقفت في منتصف الطريق
أنظر حولي
أبحث عن مكان أختبيء فيه
لا أدري إلى أين أذهب
الظلام من حولي شديد
إلا من هذا الضوء الخافت البعيد
عجبا من أين يأتي؟

سرت ثانية
هرولت حتى توقفت
 أنتظر أن أجد المأوى
أو يأتيني من ينجيني
نظرت حولي
و إذ بي فجأة أجدها أمامي
يا إلهي
ألا تيأس
ألا تدعني
ألا تتب يدها عني


وقفت هناك بملابسها المهترئة
و شعرها الأسود المشعث
و عيناها الحمروان
و من بعيد
لازال هذا الضوء الخافت البعيد

وقفت و في عينيها تلك النظرة المتكبرة
 كم تخيفاني
 كم تهزاني من داخلي
و لكني وقفت
و صمدت
و نظرت إليها في قوة أحاول أن أتدارى فيها
و أتستر بضعفي وراءها
وضعت عيني في عينيها
وجهت نظري إليها
و في قوة أطلقت عليها بصري
و في نفسي أردد
لن أدعك تهزميني أبدا
لن أدعك تنتصري علي
لن تأسريني بسهولة
لن تميتيني
لن تقهريني
و من خلفها
رأيتهم واقفون
عن يمينها وعن شمالها
بعيونهم النارية
و ضحكاتهم الساخرة
و ملابسهم السوداء
اثنان؟
لا أربعة
لا ثمانية
عشرة...عشرون...خمسون...مائة.....
يا الله كل هذا الجمع يحيط بها؟
و هناك، لازال هذا الضوء الخافت البعيد
عجبا من أين يأتي في هذا الظلام؟

لازالت هناك واقفة تنظر إلى بتلك النظرة القوية
الثابتة
الماكرة
و لا تفارق شفتيها تلك الإبتسامة الخبيثة
شعرت بقوتها تهز كياني
و بسلطانها يزلزلني
و أنا في مسكنة أحاول أن أتثبت
عيني لا تنزل عن عينيها
أصطنع القوة
حتى لا تنل مني
و فجأة و كأنها شعرت بما في ذاتي
ضحكت ضحكة ساخرة
ماجنة
عالية
فإذا بالرعد من فوقي يزأر
و السماء بالمطر تنهمر
و البرق ينذر بالآتي
و الرياح تشتد
و الظلام يسود
إلا من هذا الضوء الخافت البعيد

بردت
و ارتجفت
و خفت
و بكيت
من أين أتى كل هذا؟
أحانت اللحظة؟
لحظة قتلي
لحظة وأدي
يا الله
إنها لا تتأثر
إنها لا تهتز
ضحكاتها الساخرة تخرق بها أذني
و كأنها تتمتع بعذابي
حاولت التماسك
و لكني لم أستطع
قدماي تهتزان
تنذراني بالسقوط
حولت عيني عنها لضعفي ووهني
دموعي أغرقت ملابسي و أرضي
ألمي يتزايد
أخذت أصرخ
أصرخ
أصرخ
رفعت وجهي ورأيت
ذلك الضوء الخافت البعيد


جريت عليه
لعلي أجد فيه بعض الدفء و الأمن
زحفت حتى وصلت إليه
لازلت لا أدري من أين يأتي
لكني حاولت
جسدي يؤلمني و لكني صابرت
حتى إليه وصلت
وأخذت أنادي على صاحبه
يا صاحب هذا الضوء الخافت
هلا أنقذتني
يا صاحب هذا الضوء الخافت
هلا نجدتني
يا صاحب هذا الضوء الخافت
هلا أعنتني
إنها تريد قتلي
إنها تريد محوي
انها تريد إحراقي بلهب لا قبل لي به
و تريد أن تنزل علي غضب لا قوة لي على دفعه

و لكن لا مجيب
لا مجيب
طأطات رأسي
و كفكفت بصري
و توقفت عن الصراخ
و رأيتها تأتي إلي و ضحكاتها تتعالى
و أصوات هؤلاء الشياطين من حولها تتزايد
لقد هلكت


آلمني قلبي بشددة
و بكيت بكاء النهاية
بصري معلق على الأرض في انهزام و يأس
و شعرت بنهايتي
و لكن
مهلا
الضوء لم يكن بهذه الإضاءة
إنه منذ قليل كان خافتا
ثم لماذا هدأ صوت الرياح قليلا؟
و البرق، لقد توقف!!
رفعت رأسي في أمل أتمناه
فإذ بي أجدها قد كفت عن الضحك
و أمارات الخوف لأول مرة دبت في ملامحها
و من حولها يتهامسون في ذعر
هناك شيئا ما يحدث
نظرت إلى الضوء من حولي
إنه يزداد
الضوء يزداد
و الآن توقف المطر
و سكتت الريح نهائيا
و دفئا ما يدب في خلاياي
و رائحة ندية تداعب أنفي
ماذا حدث؟
من أين أتى هذا؟
أسمعني صاحب الضوء؟
أأرسل إلي عونا ؟
 أستجاب لي؟

أينقذني حقا؟

 



وكأنه سمعني
فإذ بضوء ساطع يملأ المكان
و الزهور من كل جانب تتفتح
و الشمس من فوقي أنارت ذاتي
و رائحة الرياحين تملأ قلبي
و السماء الزرقاء هناك تناديني
و هي
مسكينة
نظرت إلى مذعورة
معلنة عن نصري
عيناها الحمروان الثاقبتان صارتا واهنتان مكسورتان
و الجمع من حولها انفض عنها في جنون خائف

قدماها
أراهما تهتزان
أعرف هذا المنظر جيدا
كنت أعيشه منذ قليل

و صرخت تلك الصرخة المنذرة بالنهاية
و سقطت على الأرض و هي تنظر إلي
ثم حولت نظرها إلى الشارع من حولنا
و كأنها تنظر إلى الضوء
الذى لم يعد خافت ولا بعيد






9 التعليقات:

آية يقول...

هل الدموع والقلب المرتجف تعنى ان الكلمات قد مست القلب وانك يجب ان تستمرى !

نحتاج دائما كلمات تواجهنا مع أنفسنا ..تعرفنا قدرها وما تريد فعله بنا

كأنى أحتاج هذه الكلمات الآن فعلا ..كى أقول لنفسى


لن أدعك تهزميني أبدا
لن أدعك تنتصري علي
لن تأسريني بسهولة
لن تميتيني
لن تقهريني

..
الضوء يعنى الكثير ولكن ماهو المقصود به هنا ؟

Heba Sayed يقول...

المقصود
هو تلك النقطة البيضاء التي دائما تكون هناك
في ذلك المكان من قلبك مهما قسا و مهما علاه الران

هو الرجاء و حسن الظن فيه سبحانه
هو الإستعانة به التي لو صدقنا فيها لما تعبنا والله لا من ذنب و لا من نفس

هو رحمته التي لو تعلمنا كيف نستنزلها علينا و كيف تقصد منازلها لحلت كل مشاكلنا

الضوء هو نور الهداية الساكن في قلوبنا فهو مهما خفت، و مهما ضعف في لحظة صدق اللجوء إليه يقوى و يضيء الدنيا كلها.
كما أضاء دنياها في القصة

و لكن هو الصدق، ذلك العزيز الذي لا يعطى إلا للصالحين .


جزاكِ الله خيرا على كلماتك الرقيقة
و أسالك الدعاء بافخلاص و القبول و العفو

غير معرف يقول...

كلمات غاية في الروعة
سلمت يمينك أخيتي
نسأل الله الثبات

Heba Sayed يقول...

جزاكم الله خيرا
ثبتنا الله و اياكم

غير معرف يقول...

بسم الله ما شاااااء الله
انتي حقا رائعة
بارك الله فيكِ
كلماتك كانت تدخل الى قلبي
وكانت عيني تزرف الدموع
الى المزيد اختي
اختك في الله

Heba Sayed يقول...

جزاكِ الله خيرا أختي
و بارك فيكِ ربي
أسأل الله أن ينفعك بما قرأتي
و أن يرزقني فيه الإخلاص و القبول
أحسن الله اليكِ

غير معرف يقول...

ماشاء الله جزاكي الله خيرا على كلماتك الطيبه الرقراقة : كنت وانا اقرا اتذكر معاناة تلك الانسانة مع النفس والدنيا والهوى والشيطان وكيف ان طريق الخلاص في هذا الظلام الذي نعيش فيه هو توبه صادقة نسرع الخطوات باقدام الندم والعزم والاقلاع حتى نصل لطاقة النور الصغيرة التي هي الامل في الله ان ينقذنا مما نحن فيه ينطرح الانسان فيها على عتبه العبودية يتوب ويستغفر ويقول يارب لا تتركني لاعدائي لا تسلم عبدك جئتك بندمي وصدقي فما يلبث الا ان يفتح له ربه ويخلصة من اعداءة ويصرفهم عنه بل ويذلهم ويجعله مقهورين تحت اقدامة ويدخلة الى حياة السعداء بالقرب منه في جنة الدنيا فيجد السعادة والهناء والرخاء وراء الباب في دنيا قصيرة ثم حياة في الاخرة ابدية في مقعد صدق عند مليك مقتدر ... كان هذا تصوري حتى فوجئت بغير ذلك . ولكن خيرا . اسال الله عز وجل ان يجعلها في ميزان حسناتك ...
ملحوظة : ياريت نبين للقارئ الفكره ونوضحها اكتر من الغموض المسيطر على القصة من بدايتها الى نهايتها

Heba Sayed يقول...

،،،،كان هذا تصوري حتى فوجئت بغير ذلك . ولكن خيرا . اسال الله عز وجل ان يجعلها في ميزان حسناتك ..،،،،


لا انتي لم تفهمي خطأ
القصة تركت غامضة لأني اردت ان يفهمها كل شخص حسب ما سيتردد بداخله عند القراءة
قد اكتب ما أستشعره فانقله لكِ ولكن قد لا تستشعريه
و لكن أحب ان يستشعر كل واحد الكلام حسب ما يعتري قلبه


أما عن الغموض
فانا اعلم ان قصصي غامضة لذا أتردد كثيرا في نشرها لأني اعلم ان الكثيرين لن يفهمونها
لأن غالبا يكون فيها معنى محدد لا يفهمه سواي او المقربين جدا لدي


عموما سعدت بوجودك و تعليقك
و أسالك الدعاء
.و اتمنى منكِ المزيد من النصح

غير معرف يقول...

كلام جميل وتناسق في الكلمات شيء كووول <3

أضف تعليق

لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة