يتم التشغيل بواسطة Blogger.
RSS

لن تأمرك بالخير أبدا




من الأشياء التي كنت اخطيء التفكير فيها 

ظني بأن مجاهدة كل منا لنفسه مستمرة حتى لحظة معينة
لحظة سيتمكن فيها الواحد منا من تلك النفس فيلجمها و يحكمها و يحقق حلمه فيها
و هو إقامة حاكمية الله عليها

و لكن اكتشفت أني كنت على خطأ عظيم
كاد أن يودي بقلبي المهالك

إذ وجدت أن نفس المرء منا لن تأمره بخير أبدا
و لن تعتاد هذا الخير مهما روضتها عليه 
و ذلك لأنك تروضها على عكس فطرتها و خلقتها التي خلقت عليها
فربما تنصاع لك 
ربما تهادنك
تطاوعك
لكن أن تتبدل عن خلقتها و تتغير و تصبح قابلة لهذا الخير الذي تحاول تعويدها عليه فلن يحدث
و إلا لأصبحت مع الوقت من الملائكة و ارتفع عنها التكليف

و مثاله
الأسير الذي كان يحاول الفتك بك فقهرته و أسرته و صار طوع أمرك ، هل تأمن له بعد ذلك؟ 
و هل سيطيعك راضيا مختارا يقبل بحاكميتك عليه؟
أم ينتظر منك التفاتة لينقض عليك و يسترد حريته؟

كذلك نفسك
ستظل ترودها على الكف عن شهوة ما و إقامة طاعة ما
فما أن تجد منك فترة أو ضعفا أو ميلا حتى تعود إلى قوتها
و عنفوانها
و تثير الشهوة و الهوى في قلبك


لذا تجد نفسك مثلا قد نجحت في التخلص من مرض ما أو ذنب ما 
و مضى على ذلك سنين أو شهور
ثم لا تلبث أن تأتيك الفترة فتعود إلى حيث كنت و تجد في نفسك رغبة في العودة إلى ما كنت ظننت أنها قد نسته
و كرهته
و هي ليست كذلك
بل هي فقط جارتك في ذلك حتى تعودت على عدم وجوده 
لكن لم تحبه و لم تألفه
فنفسك أبدا لن تحب الخير
و لن تأمرك به

و إلا حينها صرت من الملائكة و إنتفت عنك صفة البشرية



يقول الكاتب:

"إن كون النفس أصبحت تؤدي بعض الطاعات بسهولة و يسر ليس معناه أنها تحب ذلك، بل إن قوة عزمك التي وهبك إياها المولى ، و الخوف من الاخرة قهرها، ولو وجدت منك فترة لرجعت إلى أحوالها، و لرفضت الطاعة لله عزوجل"



ثم يستطرد:

" و لا يصح أن يقول أحدهم : و لكني بقيت دهرا طويلا اجاهد نفسي و أمعن في تربيتها و ترويضها، حتى استطعت أن اسمو بها عما كانت عليه من التعلق بهذه المشتهيات و الطبائع الذميمة، فهي اليوم لا ترغب إلا فيما يرضى الله ، و لا تنفر إلا مما لا يرضي الله ،


و يجب أن يقال لصاحب هذه الدعوى: إن صح ما تقول فبشريتك غاصت، بل غابت عنك، و تحولت إلى ملك من الملائكة.....و أنك لم تعد مكلفا من قبل الله بشيء، لأنك لن تشعر بأي كلفة فيما امرك الله به، ولا بد أن يصبح أمرك عنئذ عبثا و ثوابك عليه باطلا...



و لكن امر الله عزوجل نافذ و سيظل نافذا في حق عباده اجمعين، و ثوابه جار و مهيأ لجميع المحسنين، ولا يكون ذلك إلا لأنهم مكلفون، و لا يكونون مكلفين إلا عندما تكون التاكاليف الإلهية مخالفة لرغبات نفوسهم، متشاكسة مع تطلعاتهم و أهوائهم"



لذا فنحن نحتاج إلى دوام المجاهدة 
و دوام الإستعانة بالله أن يقينا شر أنفسنا وأن يمكننا منها ولا يخلي بيننا و بينها
و أن نعلم يقينا
أن وراء كل عقبة عقبة أخرى
و ليس معنى انك تغلبت على نفسك في معركة بانك قد انتصرت عليها للأبد
و انك قد أغلقت صفحة هذا الذنب أو ذاك المرض
لا 
بل وراء كل معركة معركة أخرى أعنف منها
و كلما تجاوزت عقبة لا تلبث أن تلتقط انفاسك حتى تجد اخرى
اكبر منها و أشد
حتى ياتيك اليقين و انت على هذه الحالة



فيرحمك الله عند اللقاء
بما جاهدت به نفسك و آثرت هواه على هواك

و إنه ليسير على من يسره الله عليه
و استعان به
و تذلل له
و سأله أن يعينه على نفسه و يزكيها له


مستفاد من كتاب: 
حطم صنمك...لـــ/ مجدي الهلالي

0 التعليقات:

أضف تعليق

لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة