من الأشياء التي كنت اخطيء التفكير فيها
ظني بأن مجاهدة كل منا لنفسه مستمرة حتى لحظة معينة
لحظة سيتمكن فيها الواحد منا من تلك النفس فيلجمها و يحكمها و يحقق حلمه فيها
و هو إقامة حاكمية الله عليها
و لكن اكتشفت أني كنت على خطأ عظيم
كاد أن يودي بقلبي المهالك
إذ وجدت أن نفس المرء منا لن تأمره بخير أبدا
و لن تعتاد هذا الخير مهما روضتها عليه
و ذلك لأنك تروضها على عكس فطرتها و خلقتها التي خلقت عليها
فربما تنصاع لك
ربما تهادنك
تطاوعك
لكن أن تتبدل عن خلقتها و تتغير و تصبح قابلة لهذا الخير الذي تحاول تعويدها عليه فلن يحدث
و إلا لأصبحت مع الوقت من الملائكة و ارتفع عنها التكليف
و مثاله
الأسير الذي كان يحاول الفتك بك فقهرته و أسرته و صار طوع أمرك ، هل تأمن له بعد ذلك؟
و هل سيطيعك راضيا مختارا يقبل بحاكميتك عليه؟
أم ينتظر منك التفاتة لينقض عليك و يسترد حريته؟
كذلك نفسك
ستظل ترودها على الكف عن شهوة ما و إقامة طاعة ما
فما أن تجد منك فترة أو ضعفا أو ميلا حتى تعود إلى قوتها
و عنفوانها
و تثير الشهوة و الهوى في قلبك
لذا تجد نفسك مثلا قد نجحت في التخلص من مرض ما أو ذنب ما
و مضى على ذلك سنين أو شهور
ثم لا تلبث أن تأتيك الفترة فتعود إلى حيث كنت و تجد في نفسك رغبة في العودة إلى ما كنت ظننت أنها قد نسته
و كرهته
و هي ليست كذلك
بل هي فقط جارتك في ذلك حتى تعودت على عدم وجوده
لكن لم تحبه و لم تألفه
فنفسك أبدا لن تحب الخير
و لن تأمرك به
و إلا حينها صرت من الملائكة و إنتفت عنك صفة البشرية
يقول الكاتب:
"إن كون النفس أصبحت تؤدي بعض الطاعات بسهولة و يسر ليس معناه أنها تحب ذلك، بل إن قوة عزمك التي وهبك إياها المولى ، و الخوف من الاخرة قهرها، ولو وجدت منك فترة لرجعت إلى أحوالها، و لرفضت الطاعة لله عزوجل"
ثم يستطرد:
" و لا يصح أن يقول أحدهم : و لكني بقيت دهرا طويلا اجاهد نفسي و أمعن في تربيتها و ترويضها، حتى استطعت أن اسمو بها عما كانت عليه من التعلق بهذه المشتهيات و الطبائع الذميمة، فهي اليوم لا ترغب إلا فيما يرضى الله ، و لا تنفر إلا مما لا يرضي الله ،
و يجب أن يقال لصاحب هذه الدعوى: إن صح ما تقول فبشريتك غاصت، بل غابت عنك، و تحولت إلى ملك من الملائكة.....و أنك لم تعد مكلفا من قبل الله بشيء، لأنك لن تشعر بأي كلفة فيما امرك الله به، ولا بد أن يصبح أمرك عنئذ عبثا و ثوابك عليه باطلا...
و لكن امر الله عزوجل نافذ و سيظل نافذا في حق عباده اجمعين، و ثوابه جار و مهيأ لجميع المحسنين، ولا يكون ذلك إلا لأنهم مكلفون، و لا يكونون مكلفين إلا عندما تكون التاكاليف الإلهية مخالفة لرغبات نفوسهم، متشاكسة مع تطلعاتهم و أهوائهم"
لذا فنحن نحتاج إلى دوام المجاهدة
و دوام الإستعانة بالله أن يقينا شر أنفسنا وأن يمكننا منها ولا يخلي بيننا و بينها
و أن نعلم يقينا
أن وراء كل عقبة عقبة أخرى
و ليس معنى انك تغلبت على نفسك في معركة بانك قد انتصرت عليها للأبد
و انك قد أغلقت صفحة هذا الذنب أو ذاك المرض
لا
بل وراء كل معركة معركة أخرى أعنف منها
و كلما تجاوزت عقبة لا تلبث أن تلتقط انفاسك حتى تجد اخرى
اكبر منها و أشد
حتى ياتيك اليقين و انت على هذه الحالة
فيرحمك الله عند اللقاء
بما جاهدت به نفسك و آثرت هواه على هواك
و إنه ليسير على من يسره الله عليه
و استعان به
و تذلل له
و سأله أن يعينه على نفسه و يزكيها له
مستفاد من كتاب:
حطم صنمك...لـــ/ مجدي الهلالي
0 التعليقات:
لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة