هذا هو الاسم الصحيح
لحركات تحرير المرأة ومقصودها على مر التاريخ منذ بدأت في أواخر القرن التاسع
عشر... والجدير بالذكر قبل البدء في السرد لملخص بسيط لجزء من هذا التاريخ أن هذه
الحركات إنما نشأت في ظل الاحتلال البريطاني لمصر وترعرعت فيه وقابلت دعمه
وتأييده. وأنها سهلت على الاحتلال أهدافه المعروفة التي لا تخفى على أحد من هدم
للدين وللهوية..وليس أوضح لبيان تلك الأهداف من قول اللورد كرومر حين وصل مصر
ليتسلم منصب المندوب البريطاني بمصر "إنما جئت لأمحو ثلاثا القرآن والكعبة
والأزهر"
بدأت حركة تحرير المرأة
مع رفاعة رافع الطهطاوي الذي ما أن عاد من بعثته إلى فرنسا إلا ودعا في كتابه
الشهير "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" إلى حرية المرأة وتحريرها وكأنها
كانت مستعبدة! واتخذ مواقف قوية من قضايا تعليم المرأة وتحديد الطلاق وتعدد
الزوجات واختلاط الجنسين .
ثم تولى عنه الدفة
قاسم أمين الذي عاد من فرنسا كذلك بعد إتمام تعليمه هناك ليصف مصر بقوله:
"يقولون (مصر أم الدنيا) والأصح أن يقولوا "خادمة الدنيا" "!!
إذ انبهر الرجل بالحضارة الفرنسة وسال لها لعابه وعاد ليقول أن "أكثر أسباب
انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة كالتمثيل والتصوير والموسيقى"
وكأن هذا المنبهر
بالغرب يرى أن التمثيل والموسيقى هي التي ستطعم الجياع وتعلم العقول وتشد عزائم
الرجال في مواجهة احتلالهم!!
وبعد فترة من عودته من
فرنسا ومصاحبته لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتردده على صالون الأميرة نازلي المرأة
الأكثر تشبها بنساء أوروبا في مصر في سفورها ومخالطتها للرجال وأفكارها الموالية
للاحتلال..كتب كتابه "تحرير المرأة"والذي قال فيه: "إن الدين هو
السبب الوحيد في انحطاط المسلمين" وهدم فيه الحجاب من أصوله ودعا بشدة إلى
نزعه والتخلي عنه.
واجه الكتاب موجه
عارمة من المعارضة من علماء الدين في الأزهر والشخصيات الوطنية مثل مصطفى كامل وطلعت
حرب الحجاب كما كتب فيه شعراء مصر والعراق والشام القصائد الكثيرة ينددون بدعوى
قاسم أمين المنافية للآداب الإسلامية والتقاليد المصرية وطبيعة المجتمع المحافظة
والمختلف عن المتجمعات الغربية.
فما لبث الكاتب لمّا واجهته
هذه الموجة العاتية من المعارضة أصدر كتابه الجديد "المرأة الجديدة"
يكشف فيه عن فكره الحقيقي وفحوى دعواه الحقيقة فنادى فيه بأن تحذو المرأة المصرية
حذو المرأة الأوروبية حذو القذة بالقذة في كل شيء وأول الأشياء..سفورها!
وقبل موته صدر له
تصريح في جريدة الظاهر يقول فيه بعد أن تبين الأثر السلبي لدعوته:
"لقد كنت أدعو
المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر الإفرنج في تحرير نسائهم وغاليت في هذا المعنى
حتى دعوتهم على تمزيق الحجاب وإشراك النساء في كل أعمالهم ومآدبهم، ولكني أدركت
خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس. فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من
أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن، وماذا يكون شأنهن إذا
خرجن حاسرات، فرأيت من فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على ما خذل دعوتي
واستنفر الناس لمعارضتي..
رأيتهم ما مرت بهم امرأة
أو فتاة إلا تطاولوا عليها بالألسنة ثم ما وجدت زحاما في طريق مرت به امرأة إلا
تناولتها الأيدي والألسنة جميعا "
سعد زغلول:
بعد موت قاسم أمين،
تولى القضية من بعده سعد زغلول صديقه والمنفذ الفعلي لأفكاره.
سعد زغلول هو الزعيم
الذي أحدثت مواقفه المؤازرة للحركة النسائية الوليدة طفرة في تاريخ تحرير المرأة، وليس
أدل على ذلك من ثورته التي أقامها عام 1919 وشهدت لأول مرة خروج النساء في مظاهرات
وإن كن خرجن بالبراقع وعليهن الحجاب.
من مواقفه الخبيثة أنه
أمر زوجته بعد عودتهم من مؤتمر الصلح بفرنسا أن تخلع الحجاب قبل خروجها من الباخرة
بالإسكندرية، وتدخل واصف بطرس! آنذاك ليثنيه عن قراره مخافة انقلاب الشعب عليه،
ولكن صفية استجابت لزوجها ورفعت الحجاب.
وقد هُيء الجو في
الإسكندرية لاستقبال "الزعيم" وأقيمت سرادق للرجال وأخرى للنساء، فتوجه
سعد إلى سرادق النساء في تحد واضح، ولما دخل على النساء المحجبات أمرهن بخلع الحجاب.
واستقبلته هدى شعراوي حينها فمد يده عن رضا منها ونزع الحجاب عن وجهها فضحكت هدى
وصفقت وصفق النساء من وراءها ونزعن الحجاب.ومن ذلك اليوم صار الحجاب نشازا في
الحياة المصرية بعد أن كان ثابتا من ثوابت الدين وعلما على الهوية المصرية!!!
وبعد الثورة وتوليه زعامة
الشعب اشترط على النساء اللاتي يحضرن خطبه أن يزحن عن وجوههن النقاب وكان إذا طلب
بعض النساء أن يجتمعن به بعد توليه الوزارة كان يرفض الاجتماع بهن إلا كاشفات
الوجوه!!
ومن الجدير بالذكر أن
سعد زغلول كان على علاقة وطيدة باللورد كرومر المندوب البريطاني في مصر ولأجل هذه
العلاقة تم تعيين سعد وزيرا للمعارف.
وكتب سعد في مذكراته
بعدما سمع خير استعفاء اللورد من منصبه "أما أنا فكنت
كمن تقع ضربة شديدة على رأسه أو كمن وخز بآلة حادة " !!
فأي وحدة تجمع هذين
الشخصين، وأي علاقة تلك التي تجمع المحتل مع ابن الوطن في علاقة وطيدة تجعل سعد
زغلول حزينا لرحيل المحتل كرومر عن وطنه؟
إنها وحدة الهدف
والغايات
إذ اتحد هدف كرومر مع
هدف سعد زغلول في تحرير المرأة المصرية بزعمهم وهدم تعاليم الدين وطمس هوية الدولة
فتسهل تبعيتها لبريطانيا المحتلة.
هدى شعراوي وأخواتها:
إن الناظر لطبيعة من
نادي بتحرير المرأة ليفهم على الفور طبيعة الفكر المراد نشره آنذاك
فإن جميعهم اتصفوا
بصفات تثير الشك والريبة حول ما نادوا به، فجميعهم كانت علاقته وطيدة بالاحتلال
وكان يجد مناصرة ودعما من الخارج والقوى العالمية آنذاك، وجميعهم كانوا يرون أن
النموذج الأمثل الذي تقتدي به المرأة المصرية هي المرأة الأوروبية وأنه لكي تتحرر
المرأة المصرية فليها نزع الحجاب والتخلص من سلطة الولي عليها
حتى وصل الأمر بالبعض
إلى أن طالب الاتحاد النسائي بمصر بإلغاء نون النسوة من اللغة العربية !!! وكأن
هذه هي قضية المرأة المصرية الوحيدة آنذاك في ظل الاحتلال وانتهاكه لحرمات الدولة
وسبيه لخيراتها !!!!
ومما لا شك فيه أن هذا
يسير في وفق أهداف الغرب في طمس الهوية واللغة.
تقول هدى شعراوي معبرة
عن السجن النسائي الذي تحيا فيه المرأة المصرية في ظل التقاليد الموروثة وهي تتحدث
عن زوجها: "ولا أستطيع تدخين سيجارة لتهدئة أعصابي حتى لا يتسلل دخانها إلى حيث
يجلس الرجال فيعرفوا دخان سيجار حرمه، إلى هذا الحد كانت التقاليد تحكم بالسجن على
المرأة وكنت لا أحتمل مثل هذا العذاب"
فهذا هو العذاب التي
تراه هدى شعراوي للمرأة المصرية "في ظل الاحتلال" أنها لا تستطيع تدخين سيجارتها..أي
عقول تلك؟
وكانت ممن طالب بحق
الانتخاب للمرأة وتقييد الطلاق والحد من سلطة الولي وتقييد تعدد الزوجات والجمع
بين الجنسين ف سن الطفولة من خلال الاتحاد النسائي الدولي.
أما درية شفيق فكانت
سيدة المجتمعات الغربية وكانت الصحافة البريطانية ترحب بها متى نزلت على أرضها
بحفاوة بالغة !!
وكان من فكرها أنها
كانت تشيد بدور الخديوي إسماعيل في الحياة المصرية ، فقد صنع طفرة في النهوض بمصر
من مرحلة الخمول إلى مرحلة النضوج على حد زعمها وذلك لأنه: "شهدت قصوره
الحفلات الراقصة وشهد عصره أذواق الملابس الجديدة حتى ألوان الطعام تنوعت ودخل
فيها الجديد"!!
وكانت تعتبر أن تاريخ
مصر بدأ منذ الحملة الفرنسية على مصر وأن مصر منذ عرفت الفرنسيين
"المحتلين" عرفت التقدم !
وكانت تقول أنها لن
تطمئن على المرأة المصرية غلا إذا تساوت مع الرجل في الميراث!!!
في معاندة واضحة للمبدأ
الإسلامي في تقسم الميراث
ومن الجدير بالذكر أن
درية شفيق ماتت منتحرة عام 1975 حين ألقت بنفسها من الطابق السادس.
هذا ملخص لبعض ما جاء
في كتاب عودة الحجاب لمؤلفه محمد بن إسماعيل المقدم، ولازالت القافلة تسير والجهود
مستمرة، ولو وجه أمثال هؤلاء جهودهم إلى نفع المرأة المصرية والنهوض بها نهضة
قيمية ودينية حقيقية لكانت شهدت مصر طفرة حقيقية في نسائها. ولكنه الهدم في صورة
البناء والباطل في صورة الحق!!!
0 التعليقات:
لا تنسى ان تترك تعليقا..فبكلمة طيبة منك او نصيحة مهذبة قد تغير مسار حياة كاملة